انتهى لقاء ألمانيا وبولندا على تعادل سهل من مهمة الفريقين نحو بلوغ الدور القادم لكنه أظهر تحول الألمان من نوع من المشاكل لآخر ولو أن التاريخ يؤمن بصعوبة فوز المانشافت في الجولة الثانية بوقت قدم فيه البولنديون أنفسهم مرة أخرى كمنتخب صلب دفاعياً وقادر هجومياً على صناعة الخطورة بأي لحظة.
ملخص المباراة:

وضع لوف تركيزاً كبيراً على ضرورة تعطيل ليفاندوفسكي لذا كلف بواتينغ بإغلاق كل المنافذ أمامه والتحرك معه كيفما اتجه لكن خبرة البولندي بالتعامل مع هذه الأمور جعلته يختار الابتعاد عن مناطق الخطر سعياً منه لاستدراج بواتينغ وبالتالي قرر لوف تغيير التعليمات بعد حوالي ربع ساعة من البداية أما هجومياً فتمثل التغير الأهم عن الجولة السابقة بزيادة حرية مولر ودراكسلر بالانتقال بعرض الملعب وهو ما أجبر البولنديين على الجري أكثر والاضطرار على التكتل بالخلف بمراحل كثيرة.

خضيرة مثّل النقطة الأضعف بالمانشافت وهو ما كلفه وكلف أوزيل الحصول على بطاقة صفراء لإيقاف مرتدات بولندية أما بالنسبة للبولنديين فقدموا شوط مثالي تقريباً من الناحية الدفاعية باستثناء بيزتشيك الذي تعرض للكثير من الضغط بسبب سرعة دراكسلر وهيكتور لكنه رغم ذلك صمد أمام معظم الهجمات، بالمجمل انتهى الشوط الأول بدون أن يطلق أي فريق أي تسديدة على المرمى وسدد الألمان 8 مرات مقابل مرتين للبولنديين واستحوذ أبطال العالم بنسبة 70%

تغييرات لوف مثلت قراءة جيدة لمشاكل المانشافت فإشراك شورله سمح لدراكسلر ومولر بالانتقال للداخل قبل أن يأتي غوميز الذي أجبر الدفاع البولندي على التكتل حوله وهو ما ظهرت آثاره سريعة فبعد أن كانت الأرقام تشير لتسديدة وحيدة على مرمى فابيانسكي خلال 65 دقيقة ارتفعت الحصيلة إلى 3 تسديدات خلال أقل من 5 دقائق.

حاول البولندويون الاحتفاظ بالكرة قدر الإمكان لكن هذا الأمر يصبح صعباً للغاية حين تواجه الألمان وبالمجمل استمر دفاع المانشافت بنجاحه بإيقاف محاولات البولنديين والإغلاق على ليفا وميليك ولو أن هذا تطلب ببعض الوضعيات تدخلات جريئة من بواتينغ وهوميلس الذان أظهرا قدراتهما الدفاعية الرائعة وما نبي استعراض الدفاعَين لقوتهما بدا كأن المباراة ستنتهي على التعادل السلبي حتى لو استمر اللعب حتى الصباح.

لوف والتحسينات من دون تغييرات:

قام لوف بتغيير وحيد على تشكيلته مقارنة بالمباراة الأولى فأشرك هوميلس العائد من الإصابة مكان مصطفي مما أدى لتحسن الانسجام بين قلبي الدفاع أما هوفيديس فقدم أداء أفضل بكثير من المباراة الأولى بعد أن تسبب بمشاكل دفاعية وهجومية كثيرة في حين ظهر مولر ودراكسلر أخيراً بالقيمة المنتظرة من خلال التحركات ولو أن كلاهما بدا بعيداً عن منطقة الخطر التي لم ينجح غوتزة بشغلها كما يجب فتاريخياً لطالما كان مفتاح اللعب على الكرات العالية والعرضيات منقذاً للألمان ومع قصر قامة غوتزة وضعف بنيته مازال هذا الحل غائباً.

مشكلة ألمانيا الأساسية اليوم ارتبطت بكثرة الأخطاء المرتكبة بالمواقع القريبة من منطقة الجزاء ولو أنه على عكس المباريات الماضية نجح لاعبو المانشافت بتطبيق طريقة دفاعية ناجحة أمام الكرات الثابتة بعد أن شكل هذا الأمر المشكلة الأكبر بوجه المدرب في الفترة الأخيرة، بالمجمل يمكن القول أن الألمان قدموا مباراة أفضل من لقائهم الأول رغم اكتفائهم بالتعادل خاصة مع تلافيهم للأخطاء الدفاعية التي ظهرت أمام أوكرانيا لكن ارتكاب الأخطاء بالخلف وصعوبة خلق الفرص يعنيان انتقال ألمانيا من نوع من المشاكل إلى آخر.

نافالكا الناجح:

تمكن المدرب البولندي من إغلاق مناطقه كما يجب فلم يكُن لدى الألمان أي خيار باستثناء نقل الكرة عبر الأطراف فحتى التسديد من بعيد بدا صعباً أمام الأقدام الكثيرة التي تفصل بين المسدد والمرمى وبظل صعوبة إيصال كرات عرضية لغوتزة قصير القامة بدا أن كل شيء يسير كما يجب ومرة أخرى اعتمد المدرب على ليفاندوفسكي من أجل فتح المجال للآخرين فلم يلعب نجم بايرن لخدمة نفسه بل كان يحاول التحرك لجذب الدفاع من أجل إعطاء ميليك مساحات أفضل لكن الأخير لم يكُن بأفضل حالاته على الإطلاق على عكس ما حدث خلال لقاء ذهاب التصفيات بين الفريقين.

نجم المباراة:

جيروم بواتينغ:

مرة أخرى نجح بواتينغ بإثبات تألقه مع منتخب ألمانيا وهو ليس بجديد على قلب دفاع بايرن ميونيخ حيث قام اليوم بالعديد من التدخلات الحاسمة وتمكن من القيام بثلاث تدخلات مميزة إضافة لدوره الكبير بتقديم تمريرات طويلة تساعد على نقل الكرة من جهة لأخرى.

الكثير من الأدوار بكل الملعب إلا بالمكان الأهم:

يبدو أن لوف قد آمن بأن من ينجح بالتفوق بكل أماكن الملعب سينجح حتماً بالتسجيل ولو بأي طريقة لكن هذه المقولة تخلق الكثير من الصعوبات للفريق تهديفيا لأن الألمان لا يقدمون النجاعة الكافية حين يستحوذون على الكرة.
بشكل طبيعي كل الفرق تفكر بالدفاع أمام ألمانيا أو على الأقل تعطي الأفضلية في بنائها للحفاظ على نظافة شباكها ومن هنا لابد من زيادة اللاعبين القادرين على التسجيل من فرص قليلة وتوجيههم نحو منطقة جزاء الخصم فعلى سبيل المثال لعب مولر اليوم دوراً دفاعياً مهماً سواء بمؤازرة الوسط أو التغطية على تقدم الأظهرة إضافة لسعي لوف لتنشيط الجهة اليمنى هجومياً من خلال مولر وإلى جانب كل هذا مطلوب من مولر أن يؤازر غوتزة لتحسين استغلال العرضيات بالعمق وبين كثرة الأدوار ابتعد مولر عن جزاء بولندا وخسر الألمان دور اللاعب الديناميكي المشاغب الذي يربك المدافعين بحركته الدائمة أما دراكسلر فهو معروف بالتزامه كجناح أيسر ومعظم تنقلاته تأتي نحو الداخل لصناعة اللعب أو التسديد ولا تأتي للاستلام وهنا لابد من أن نقول بأن إدخال شورله يُحسب للوف كون اللاعب يتمتع بمزايا تهديفية مميزة بالنسبة لجناح.